آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-04:00ص

اخبار دولية


هل يتمكن الشرع من تفكيك إمبراطورية الكبتاغون؟

الجمعة - 07 فبراير 2025 - 11:59 م بتوقيت عدن

هل يتمكن الشرع من تفكيك إمبراطورية الكبتاغون؟

سؤال بلس/وكالات:

رغم تصريحات الحكومة السورية الجديدة التي تعهَّدَت فيها بتطهير البلاد من المخدرات، استبعد أحمد شعراوي، محلل أبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، أن تنجح الحكومة الجديدة في التصدي لتجارة المخدرات المربحة.

وقال الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" إن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وحاشيته جنوا مليارات من تصنيع الكبتاغون وتصديره، وهو منشِّط أمفيتاميني مسبب للإدمان الشديد.

وفي اليوم ذاته الذي فرَّ فيه الأسد إلى روسيا، أعلن الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع نهاية عصر الكبتاغون. وقال: "لقد حوّل نظام الأسد سوريا إلى أرض للفساد وتجارة المخدرات"، غير أنه تعهد بأن "سوريا ستطهَّر".

الشرع ومحاولة تحقيق الاستقرار
وأضاف الكاتب "أقام الشرع فعلاً علاقات ودية مع كبار تجار المخدرات أنفسهم الذين عوَّل عليهم الأسد لتصدير الكبتاغون سعياً منه لتحقيق الاستقرار في سوريا".
وأعلنت القوات الأردنية المسلحة في 4 يناير (كانون الثاني) الماضي أنها قتلت عدداً من مهربي المخدرات الذين حاولوا العبور من جنوب سوريا إلى المملكة.

ورغم استيلاء السلطات السورية الجديدة على منشآت إنتاج الكبتاغون وإحراق الحبوب المخزَّنة فيها، ما زالت تجارة المخدرات رائجة بوضوح، والشرع ليس في وضعٍ يسمح له بمعاداة قادة عصابات تهريب المخدرات.


وفي 21 ديسمبر (كانون الأول) التقى الشرع عماد أبوزريق، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات في عام 2023 لاستغلاله ميليشياته "لبيع المواد المهربة، وإدارة عمليات الابتزاز، وتهريب المخدرات إلى الأردن، بالإضافة إلى تجنيد العناصر لصالح [المخابرات العسكرية السورية]".

والتقى الشرع به، في محاولة منه لتحقيق الاستقرار في سوريا وترسيخ أقدامه بقيادة الفصائل العديدة التي تشكِّل التحالف الذي أطاح بالأسد. وقد انفصل أبوزريق عن النظام قبل انهياره، إدراكاً منه أن النهاية أمست وشيكة، لكن ليس قبل التخلص من الوثائق التي تورِّطه في تجارة المخدرات وتأمين هروب كثير من مسؤولي النظام في المنطقة.

مهمة شاقة
وتابع الكاتب "يريد الشرع توحيد الفصائل داخل بوتقة جيش وطني واحد يكون في الواقع تحت قيادته. ربما عندما تستقر سلطته وترسخ قدماه سينقلب الشرع على أبي زريق وغيره من كبار تجار المخدرات. غير أن ثروتهم وقوتهم البشرية ستجعل هذا الانقلاب مهمة شاقة جداً".
وكان ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لبشار والقائد السابق للفرقة المدرعة الرابعة في سوريا، يتولى الإشراف على إنتاج الكبتاغون وتهريبه لصالح النظام السابق. وقد دمَّرت الحرب الأهلية الشؤون المالية للنظام، غير أن الأسد بلغ حداً شديداً من اليأس بعد انهيار الاقتصاد اللبناني عام 2019، مما خلّف أزمة امتدت تداعياتها إلى سوريا.
ربع تجارة الكبتاغون
وبلغت القيمة السنوية المقدَّرة لتجارة الكبتاغون العالمية 10 مليارات دولار، وكانت عائلة الأسد تحصل على حصة تقدَّر بنحو 2.4 مليار دولار سنوياً منها.


والتقى الشرع ووزير دفاعه مرهف أبوقصرة حديثاً بشخصيات بارزة أخرى متهمة بالتورط في إمبراطورية النظام السوري لتجارة المخدرات، فضلاً عن أبوزريق. ومن بين هؤلاء علي المقداد ومؤيد الأقرع اللذان كانا في البداية جزءاً من صفوف المعارضة، على غرار أبوزريق، ثم تصالحا مع النظام بعد اتفاق توسَّطت فيه روسيا عام 2018. ولاحقاً أصبحوا جميعاً على صلة بمديرية الاستخبارات العسكرية التابعة للنظام تحت قيادة لؤي العلي، رئيسها في محافظة درعا الجنوبية.
وأدى العلي دوراً محورياً في تسهيل عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن. ويزعم أنه قدّم دعماً لوجستياً للمهربين المحليين، بما في ذلك الأسلحة والموارد المالية، لقاء تعاونهم. إن كثيراً من الجماعات المسلحة في درعا التي تصالحت مع النظام السوري كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعلي.
وفي حين أن هذه الجماعات انضمت إلى الانتفاضة التي اندلعت ضد النظام قبل يومين من سقوطه، وشكلت غرفة العمليات الجنوبية، فإن تصرفاتها الانتهازية تشير إلى أن ولاءها لدمشق واهن وأن مصالحها المالية لها أهمية قصوى.
ورغم أن الشرع بسط سيطرته فعلاً على دمشق وأغلب المدن الكبرى، فقد رفضت غرفة العمليات الجنوبية التخلي عن سلاحها أو الاندماج في بوتقة جيش موحّد. وقائد هذه الغرفة هو أحمد العودة، وهو حليف سابق آخر للؤي العلي. وقد أطلق على العودة في فترة ما "رجل روسيا".
وأشار نسيم أبوعرة، المتحدث الرسمي باسم الجماعة إلى معارضتها لتولي الشرع مقاليد الأمور، إذ قال: "لسنا مقتنعين بفكرة حل الفصائل. لدينا أسلحة ومعدات ثقيلة وتجهيزات كاملة". ومن ثم، ما زالت الحدود الجنوبية مع الأردن خاضعة لسيطرة جماعات تهريب المخدرات".

صدام مثير للقلق
ولفت الكاتب النظر إلى أن احتمالات وقوع صدام بين دمشق والميلشيات الجنوبية مثير للقلق، غير أن التقارب قد يكون أسوأ إذا كانت مكافأة تجار المخدرات على الانضمام إلى جيش سوري موحَّد هي ترخيص غير رسمي لها لمواصلة تصدير الكبتاغون. وسيعيد هذا السيناريو إنتاج استغلال نظام الأسد للمؤسسة العسكرية كأداة لتهريب المخدرات.